نداء إلى كلّ شيعيّ يريد الحقّ
حقائق ووقفات
الحقيقة الأولى:
لعلّه لا يخفى عليك -أخي الشّيعيّ- أنّ من سنن الله -جلّ وعلا- في خلقه أنّه جعل لكلّ نبيّ عدوا من المجرمين: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً } (الفرقان:31). ولا يخفى عليك أنّ لهذا الدّين أعداءَ كثيرين كانوا ولا يزالون وسيظلّون يكيدون له إلى قيام السّاعة { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ } (البقرة:217).
أعداء تعدّدت مكائدهم لهذا الدّين وتنوّعت أدوارهم، ولكنّ الهدف ظلّ واحدا: صرف المسلمين عن حقيقة الإسلام إلى أهواء ومذاهب وآراء أرسوا دعائمها ووضعوا أسسها، وألبسوها لباس الحقّ، وقدّموها للنّاس في صورة نصوص وروايات نسبوها إلى النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- وإلى أهل بيته وأصحابه. نصوص وروايات لا تعدّ بالمئات ولا بالآلاف، تسرّبت إلى الكثير من المصنّفات، ولكنّ الله قيّض لها جهابذة أوقفوا أعمارهم للتّنقيب عنها، فنخلوا الأحاديث والرّوايات والآثار، وفضحوا الموضوعات وكشفوا واضعيها.
لكن ولأنّه قد وجد في هذه الأمّة من تنكّر لتلك الجهود التي بذلها أولئك الجهابذة، فقد دبّ الخلاف بين المسلمين بسبب أنّ البعض منهم بقوا مصرّين على التمسّك بتلك الرّوايات والنّصوص التي بيّن الحفّاظ ضعفها ووضعها، بل وأقاموا عليها أصولا وبنوا عليها عقائد ومواقف، وعمدوا إلى ما خالفها فحملوه على التقيّة أو ردّوه.
الحقيقة الثّانية:
لا شكّ -أخي الشّيعيّ- أنّك قد اخترت مذهب الشّيعة لسبب واحد: هو اعتقادك أنّه مذهب أهل البيت الأطهار. لكن بالله عليك.. هل فكّرت يوما أن تمحّص الرّوايات التي تقرؤها في كتب الشّيعة والمنسوبة إلى أئمّة أهل البيت؟ هل حاولت أن تعرضها على كتاب الله وسنّة رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- عملا بوصايا أئمّة أهل البيت؟. يقول الإمام الصّادق –عليه رحمة الله-: "الوقوف عند الشّبهة خير من الاقتحام في الهلكة، إنّ على كل حقّ حقيقة، وعلى كلّ صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه". (وسائل الشّيعة: 27/119).
هل خطر ببالك ولو مرّة وأنت تقرأ أو تسمع رواية من الرّوايات المنسوبة إلى أئمّة أهل البيت أنّها ربّما تكون مكذوبة؟.
اقرأ معي –أخي- هذه الرّواية التي وردت في كتب الشّيعة، لتتبيّن مدى كثرة الكذب على أهل بيت النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
· في كتاب (رجال الكشيّ) أنّ الإمام أبا عبد الله جعفر الصّادق -عليه السّلام- قال: " لا تقبلوا علينا حديثا إلاّ ما وافق القرآن والسنّة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدّمة، فإنّ المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا تعالى وسنّة نبيّنا -صلّى الله عليه وآله-، فإنّا إذا حدّثنا قلنا: قال الله عز وجلّ وقال رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-".
قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر -عليه السّلام-، ووجدت أصحاب أبي عبد الله -عليه السّلام- متوافرين فسمعت منهم وأخذت كتبهم، فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا -عليه السّلام- فأنكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبي عبد الله -عليه السّلام-، وقال لي: " إنّ أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله -عليه السّلام-، لعن الله أبا الخطاب، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله -عليه السّلام-، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنّة، إنا عن الله وعن رسوله نحدّث، ولا نقول قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا، إنّ كلام آخرنا مثل كلام أولنا وكلام أولنا مصادق لكلام آخرنا، فإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردّوه عليه وقولوا أنت أعلم وما جئت به، فإنّ مع كل قول منّا حقيقة وعليه نورا، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك من قول الشيطان ". (رجال الكشي: 224-225. رواية رقم 401).
ثمّ تأمّل معي –أخي- ما الذي كان يفعله أحد أولئك المتربّصين الذين احترفوا الكذب على أئمّة أهل البيت:
· وفي (رجال الكشي) أيضا أنّ أبا عبد الله جعفر الصّادق -عليه السّلام- قال: " كان المغيرة بن سعيد يتعمّد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدسّ فيها الكفر والزّندقة ويسندها إلى أبي، ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يثبتوها في الشّيعة، فكلّ ما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك ما دسّه المغيرة بن سعيد في كتبهم ". (رجال الكشي: ص225. رواية رقم 402).
الحقيقة الثّالثة:
هل تعلم أخي الشّيعيّ أنّ معظم الرّوايات في مصادر الشيعة منسوبة إلى الإمامين الباقر والصّادق –عليهما رحمة الله-، ولا خلاف أنّهما استوطنا المدينة، ولم يخرجا منها إلا نادرا في أسفار محدودة ومعدودة، ولكنّنا نجد أنّ الرّواة عنهم عند الشّيعة جلّهم من الكوفة، والمطّلع على تراجمهم يجد أنّهم لم يخرجوا من الكوفة إلا قليلا، ومع ذلك ينقل بعضهم عن الإمامين آلاف الرّوايات، ومنهم من يروي عن الباقر 30 ألف حديث، ومنهم من يروي 70 ألف حديث !!!.
فكيف تسنّى لهم نقل ذلك الكمّ الهائل من الرّوايات، وبينهم وبين الإمامين تلك المفاوز والمسافات؟.
وقبل هذا: لماذا كان أغلب الرّواة عن الأئمّة من الكوفة التي طعن أعلام أهل البيت في أهلها، واتّهموهم بالغلوّ والكذب؟.
ورد في كتب الشّيعة نفسها أنّ الإمام الباقر –عليه رحمة الله- قال: " إنّ أحاديثنا إذا أسقطت إلى الشّام جاءتنا صحاحا، وإذا أسقطت إلى العراق جاءتنا وقد زيد فيها ونقص " (شرح الأخبار، للقاضي النّعمان المغربيّ: 03/278).
ونقلت كتب الشّيعة نفسها ذمّ أهل الكوفة على أَلْسنة عدد كبير من أئمة أهل البيت:
· قال علي -رضي الله عنه-: "يا أهل الكوفة، مُنيتُ منكم بثلاث واثنتين: صمّ ذوو أسماع وبُكم ذوو ألسن وعمي ذوو أبصار، لاإخوان صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء. اللهمّ إنّي قد مللتهم وملّوني، وسئمتهم وسئموني، اللهمّ لا تُرْضِ عنهم أميراً ولاترضهم عن أمير، وأمث قلوبهم كما يماث الملح في الماء". (الإرشاد للمفيد: 01/282).
· وقال الحسن بن عليّ -رضي الله عنه-: " عرفت أهل الكوفة وبلوتهم ولا يصلح لي منهم من كان فاسداً، إنَّهم لا وفاء لهم ولاذمّة في قول ولا فعل، وإنّهم لمختلفون ويقولون لنا إنّ قلوبهم معنا وإنّ سيوفهم لمشهورة علينا". (بحار الأنوار: 44/147).
· وقالت فاطمة الصغرى بنت الحسين -رضي الله عنها وعن أبيها-: " أمّا بعد، يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخيلاء، إنّا أهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا ". (بحار الأنوار: 45/110).
الحقيقة الرّابعة:
أبناء وإخوة الأئمّة الإثني عشر يتجاوز عددهم 48 رجلا، وهم أقرب النّاس إلى الأئمّة، يجالسونهم ويؤاكلونهم ويخالطونهم أكثر من غيرهم، ولكنّنا لا نكاد نجد لهم روايات عن الأئمّة في كتب الشّيعة، بل إنّ 43 منهم لم يروِ عنهم الشّيعة شيئا، وفي المقابل فإنّ روايات كثير منهم موجودة في مصنّفات أهل السنّة، وهي تخالف تماما ما يرويه الشّيعة عن الأئمّة بل تنقضه.
وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ العقائد التي ينسبها الشّيعة إلى أئمّة أهل البيت، والتي لم يعرفها أبناؤهم وإخوتهم، هي عقائد مكذوبة وضعها الوضّاعون من أهل الكوفة ومن غيرهم.
الحقيقة الخامسة:
الأخطر من كلّ ما سبق في فضائح الكذب على أعلام أهل البيت، ما شهد به أحد علماء الشّيعة الزيدية المتقدّمين: أبو طالب يحيى بن الحسين الحسني –المتوفى سنة 424هـ- حينما قال في كتابه (الدّعامة): "إنّ كثيراً من أسانيد الإثني عشرية مبنية على أسام لا مسمّى لها من الرجال"، وقال: "وقد عرفت من رواتهم المكثرين من كان يستحلّ وضع الأسانيد للأخبار المنقطعة إذا وقعت إليه. وحكي عن بعضهم: أنه كان يجمع روايات بزرجمهر، وينسبها للأئمة بأسانيد يضعها، فقيل له في ذلك، فقال: ألحق الحكمة بأهلها". (الحور العين: ص153).
الحقيقة السّادسة:
نظرا لكثرة الكذب عليهم، فقد تواتر عن أعلام أهل البيت أنّهم أوصوا بعَرض كلّ ما ينسب إليهم على كتاب الله وسنّة رسوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-، فما وافقهما فهو الحقّ، وما خالفهما فهو الباطل:
· في (تفسير العياشي) عن سدير قال: كان أبو جعفر -عليه السّلام- وأبو عبدالله -عليه السّلام- يقولان: "لا يصدّق علينا إلا بما يوافق كتاب الله وسنة نبيه -صلّى الله عليه وآله-". (تفسير العياشي: 01/09).
· وفي (الكافي) عن حسين بن أبي العلاء أنّه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال: سألت أبا عبد الله -عليه السّلام- عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا تثق به؟ قال: " إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله -صلّى الله عليه وآله- وإلا فالذي جاء كم به أولى به". (الكافي: 01/69).
لكن... هل عمل الشّيعة بهذه الوصايا؟.
الواقع يشهد أنّ العقائد التي شذّ بها الشّيعة عن جماعة المسلمين، كالإمامة والوصية والعصمة والطّعن في الصّحابة، علاوة على أنّنا لا نجد لها أثرا في كتاب ربّنا –جلّ وعلا- وفيما صحّ من سنّة نبيّنا -صلّى الله عليه وآله وسلّم- إلا بتأويلات وتمحّلات لا يحتملها السّياق ولا يقبلها اللّسان العربيّ، علاوة على هذا فإنّها قد وردت في كتب الشّيعة من طرق رجال كان علماء أهل البيت يبرؤون منهم ويشْكُون كَذِبَهُمْ عليهم؟:
خذ مثلا: زرارة بن أعين، هذا الرّجل جعله الشّيعة من أجلّة رواتهم، مع أنّ أئمّة أهل البيت تبرّؤوا منه ومن كذبه، بل ولعنوه:
· يروي (الكشي) عن علي بن الحكم، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله جعفر الصّادق -عليه السّلام- قال: دخلت عليه فقال: متى عهدك بزرارة؟ قال، قلت: ما رأيته منذ أيام، قال: لا تُبالِ، وإن مرض فلا تعده وإن مات فلا تشهد جنازته، قال، قلت: زرارة ؟! متعجبا ممّا قال، قال: "نعم زرارة، زرارة شرّ من اليهود والنّصارى ومن قال إن مع الله ثالث ثلاثة". (رجال الكشي: ص160. رواية رقم 267).
· ويروي (الكشي) أيضا عن عمران الزعفراني، قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السّلام- يقول لأبي بصير: "يا أبا بصير -وكنّى اثني عشر رجلا- ما أحدث أحد في الإسلام ما أحدث زرارة من البدع، عليه لعنة الله"، هذا قول أبي عبد الله. (رجال الكشي ص149. رواية رقم 241).
وما قيل في زرارة بن أعين يقال في هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي، وشيطان الطّاق، وجابر الجعفيّ،... وغيرهم من الرّواة الذين تبرّأ الأئمّة منهم، ولكنّ الشّيعة يصرّون على توثيقهم وأخذ الدّين عنهم!!!.
الحقيقة السّابعة:
لعلّ من أظهر الغرائب التي تفضح أولئك المندسّين الذين يكذبون على الأئمّة وينسبون إليهم ما تستبشعه العقول والفطر، أنّهم وضعوا على ألسنة أعلام أهل البيت روايات تحمل الذمّ الوارد في حقّهم على التقية، وروايات تدعوا إلى تصديق كلّ ما ينقل عنهم ولو لم تقبله العقول:
ففي (بحار الأنوار) مثلا عن سفيان بن السّمط قال: قلت لأبي عبدالله -عليه السّلام-: جُعلت فداك، إنّ رجلا يأتينا من قبلكم يُعرف بالكذب فيحدّث بالحديث فنستبشعه، فقال أبو عبد الله -عليه السّلام-: يقول لك إني قلت للّيل إنّه نهار، أو للنّهار إنه ليل؟ قال: لا. قال: "فإن قال لك هذا أنّي قلته فلا تكذّب به، فإنّك إنّما تكذّبني". (البحار: 02/211). (!!!).
الحقيقة الثّامنة:
الأغرب ممّا سبق أنّ كتب الشّيعة نفسها قد شهدت أنّ بعض العقائد التي جُعلت من أصول المذهب الشّيعيّ كان مبدؤها من رجال اشتهروا في التّاريخ الإسلاميّ بالمكر والكيد للإسلام:
اقرأ معي ما قاله المؤرّخ الشّيعيّ أبو الحسن النّوبختي في كتابه (فرق الشّيعة) عن واحد من أولئك الماكرين:
· قال النّوبختي: " وفرقة منها قالت لم يقتل ولم يمت، ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، فهي أوّل فرقة قالت في الإسلام بالوقف بعد وفاة النبيّ -صلّى الله عليه وآله- من هذه الأمّة، وأوّل من قال منها بالغلوّ، وهذه الفرقة تسمّى السّبئيّة، أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان أظهر الطّعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصّحابة، وتبرّأ منهم، وقال إنّ عليا عليه السّلام أمره بذلك، فأخذه عليّ فسأله عن قوله هذا فأقرّ به، فأمر بقتله فصاح النّاس إليه: يا أمير المؤمنين! أ تقتل رجلا يدعو إلى حبّكم أهل البيت، وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك، فسيّره إلى المدائن، وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب عليّ عليه السّلام أنّ عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا -عليه السّلام- وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصيّ موسى بالغلوّ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- في علي -عليه السّلام- مثل ذلك، وكان أوّل من شهر بالقول بفرض إمامة علي وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وأكفرهم، فمن هاهنا قال من خالف الشّيعة أنّ أصل التشيّع والرّفض مأخوذ من اليهوديّة ".(فرق الشّيعة للنّوبختي: ص22).
تأمّل أخي: عبد الله بن سبأ اليهودي هو أوّل من شهر القول بفرض إمامة عليّ -رضي الله عنه-، وهو أوّل من طعن في أبي بكر وعمر وعثمان والصّحابة.
فهل ترضى أخي أن تتبنّى عقيدة أسّسها رجل كهذا؟.
أتوقّع أنّك ستقول أنّ عبد الله بن سبأ أسطورة مخترعة، فأقول لك:
اعلمْ أخي أنّ هذا الرّجل كان -وعلى مدار 12 قرنا من الزّمان أو أكثر- حقيقة مسلّمة اتّفق عليها مؤرّخو السنّة والشّيعة، ولم ينكرها منهم أحد، وكثير من علماء الشّيعة في هذا العصر لا ينكرون هذه الشّخصية، ولكنّ بعض الدّعاة والكتّاب الذين تستهويهم هواية القفز على الحقائق هم من يتولّى محاولة إنكار وجودها.
لن أدلّك أخي على مصادر أهل السنّة التي تحدّثت عن عبد الله بن سبأ، ولكنّي سأدلّك على مصادر شيعيّة بحتة، يمكنك الرّجوع إليها لتتأكّد أنّ وجود عبد الله بن سبأ حقيقة مسلّمة عند مؤرّخي الشّيعة:
ارجع مثلا إلى:
* مسائل الإمامة للناشئ الأكبر: ص22-23.
* المقالات والفرق للأشعري القمي: ص20.
* فرق الشيعة للنوبختي: ص22-23
* رجالّ للكشي: ص70، 106-109، 305.
* رجال الطّوسيّ: ص51.
* الرّجال لابن المطهّر الحلي: 02/71.
* الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري: 02/234.
* التّحرير للطّاووسي: ص346.
الحقيقة التّاسعة:
الرّوايات المدسوسة على أهل البيت في مصادر الشّيعة كثيرة وكثيرة جدا، وهي في مجملها تصوّر أعلام أهل البيت على أنّهم كانوا:
· أهل تقديس لأنفسهم، وأهل طقوس وخرافات، يحثّون النّاس على التعلّق بالقبور والمزارات وطلب المدد من الأموات، وتعذيب الأنفس بضرب الرّؤوس والهامات.
· وأصحاب قلوب مليئة بالحقد والضّغينة على صحابة جدّهم المصطفى -صلّى الله عليه وآله وسلّم-، وعلى جماهير المسلمين الذين أحبّوا أولئك الأصحاب وتولّوهم.
· وأهل تقية وكتمان، يظهرون للنّاس غير ما يبطنون، ويقولون ما لا يعتقدون.
· وأهل حرص على الدّنيا ومناصبها وبهارجها، يضمرون الحقد لأمّة الإسلام التي لم تمكّنهم من تلك المناصب.
· وأهل تعلّق بما في أيدي النّاس، يستبيحون الأموال باسم خمس أهل البيت، ولا يرون دينا لمن لا يدفع إليهم تلك الأخماس.
· وأهل توسّع في المتع والشّهوات، يبيحون الزّنا باسم نكاح المتعة، ويبحون محاشّ الزّوجات باسم { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ }؟!...
هكذا تصوّر الرّوايات المدسوسة أئمّةَ أهل البيت برّأهم الله. فهل تقبل هذا -أخي الشّعيّ- في أهل بيت نبيّك –صلّى الله عليه وآله وسلّم-؟.
الحقيقة العاشرة:
لعلّ من أجلّ نعم الله –جلّ وعلا- على عباده أنْ جعل في كلّ دين وفي كلّ مذهب وضعيّ ما يدلّ على وضعه، وما يدلّ كلّ منصف متجرّد من أتباعه على الحقّ.
ومصادر الشّيعة لم تشذّ عن هذه القاعدة؛ إذ لا يكاد يخلو مصدر منها من نصوص مروية عن أعلام أهل البيت، تدلّ على بطلان كثير من معتقدات الشّيعة من جهة، وتدلّ على أحقية أهل السنّة بأهل البيت -رضوان الله تعالى عليهم- من جهة ثانية.
انطلاقا من هذه الحقيقة فقد رأيت أن أجمع في بحث موجز بعض تلك النّصوص التي وقفت عليها بنفسي، واستخرجتها مباشرة من كتب ومصادر شيعيّة، حمّلتها من مواقع ومنتديات شيعيّة خالصة.
نصوص روتها مصادر الشّيعة عن أئمّة أهل البيت، توافق تماما ما يعتقده أهل السنّة في أولئك الأخيار، بل والأهمّ من هذا أنّها توافق آيات صريحة في كتاب الله -جلّ وعلا-.
نصوص ساطعة ناصعة، تأخذ بلبّ كلّ باحث عن الحقّ، وتوقفه على حقيقةِ أنّ أئمّة وأعلام أهل البيت -رضوان الله تعالى عليهم- كانوا أهل توحيد وسنّة، وأهل قلوب وألسن نقية طاهرة لأصحاب جدّهم المصطفى -صلّى الله عليه وآله وسلّم-، وأهل صدع بالحقّ لا يخافون في الله لومة لائم، وأهل زهد في مناصب الدّنيا وأموالها، وأهل عفّة وطهارة يحرّمون نكاح المتعة، ولا يبيحون ما حرّم الله.
نصوص يسعى بعض علماء الشّيعة إلى وأدها، ويحاول الكثير منهم ردّها أو إبطال دلالتها بحملها على التقيّة، لسببين:
· الأوّل: أنّها لا تتّفق مع العقائد التي أصّلها أساطين المذهب استنادا إلى روايات وضعها أهل الفتنة والمكر المندسّون بين صفوف المسلمين.
· الثّاني: أنّها توافق ما عند أهل السنّة، وهم –أي الشّيعة- يقولون: "ما خالف العامّة (أي أهل السنّة) ففيه الرشاد"، ويقولون: "دعوا ما وافق القوم فإّن الرّشد في خلافهم".(رسالة التعادل والترجيح للخميني: ص71).
نصوص أهديها إلى كلّ شيعيّ منصف متجرّد طالب للحقّ، يحبّ أهل البيت ويسعى إلى اقتفاء آثارهم بصدق، وأهديها أيضا إلى كلّ سنيّ مهتمّ بدعوة الشّيعة، لتكون عونا له على الأخذ بأيدي المغرّر بهم من عوامّهم إلى سبيل النّجاة.
أسأل الله -جلّ وعلا- أن يهدي كلّ من قرأ هذا البحث إلى ما يحبّه ويرضاه من الاعتقادات والأقوال والأعمال، إنّه وليّ ذلك ومولاه.