عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: أبي عليه السلام لجابر بن عبد الله الأنصاري: إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ فقال له جابر: في أي الأوقات شئت، فخلا به أبو جعفر عليه السلام، قال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وما أخبرتك به أنه في ذلك اللوح مكتوباً. فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله أهنئها بولادة الحسين عليه السلام فرأيت في يدها لوحا أخضر ظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتابة بيضاء شبيهة بنور الشمس، فقلت لها: بأبي أنت وأمي يا بنت رسول الله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا اللوح أهداه الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وآله فيه أسم أبي وأسم بعلي وأسم أبني وأسماء الأوصياء من ولدي، فأعطانيه أبي ليسرني بذلك.قال جابر: فأعطتنيه أمك فاطمة عليها السلام فقرأته وانتسخته. فقال له أبي عليه السلام: فهل لك يا جابر أن تعرضه علي؟ فقال: نعم، فمشى معه أبي عليه السلام حتى انتهى إلى منزل جابر فأخرج إلى أبي صحيفة من رق، فقال: يا جابر أنظر أنت في كتابك لأقرأه أنا عليك، فنظر جابر في نسخته(82) فقرأه عليه أبي عليه السلام فو الله ما خالف حرف حرف، قال جابر: فإني اشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نوره وسفيره وحجابه ودليله، نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، إني أنا الله لا إله إلا أنا، قاصم الجبارين (ومبير المتكبرين) ومذل الظالمين وديان يوم الدين، إني أنا الله لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي، أو خاف غير عدلي عذبته عذاباَ لا أعذبه أحد من العالمين، فإياي فأعبد وعلي فتوكل. إني لم أبعث نبياً فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصياً، وإني فضلتك على الأنبياء، وفضلت وصيك على الأوصياء، وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك الحسن والحسين، وجعلت حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه، وجعلت حسيناً خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه، والحجة البالغة عنده، بعترته أثيب وأعاقب، أولهم علي سيد العابدين، وزين أوليائي الماضين، وابنه سمي جده المحمود، محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر، ولأُسرنه في أوليائه وأشياعه وأنصاره، وانتحبت بعد موسى فتنة عمياء حندس(83)، لأن خيط فرضي لا ينقطع، وحجتي لا تخفى، وأن أوليائي لا يشقون أبداً، ألا ومن جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي، ومن غير آية من كتابي فقد افترى عليَّ. وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى وحبيبي و خيرتي، (ألا) إن المكذب بالثامن مكذب بكل أوليائي، وعلي وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاع، يقتله عفريت مستكبر، يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح ذو القرنين إلى جنب شر خلقي، حق القول مني لاقرن عينه بمحمد ابنه وخليفته من بعده، فهو وارث علمي ومعدن حكمتي وموضع سري وحجتي على خلقي جعلت الجنة مثواه، وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار، وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري، والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، اخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن، ثم اكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب ستذل أوليائي في زمانه(84) ويتهادون رؤوسهم كما تهادى رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض من دمائهم، ويفشو الويل والرنين في نسائهم، أولئك أوليائي حقاً، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس،وبهم أكشف الزلازل، وأرفع عنهم الآصار والأغلال أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون(85). 55 ـ عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على مولاتي فاطمة عليها السلام وقدامها لوح يكاد ضوءه يغشي الأبصار، فيه اثنا عشر اسماً ثلاثة في ظاهره وثلاثة في باطنه، وثلاثة أسماء في آخره، وثلاثة أسماء في طرفه، فعددتها فإذا هي اثنا عشر اسماً، فقلت: أسماء من هؤلاء؟ قالت: هذه أسماء الأوصياء أولهم ابن عمي وأحد عشر من ولدي، آخرهم القائم (صلوات الله عليهم أجمعين). قال جابر: فرأيت فيها محمداً محمداً محمداً في ثلاثة مواضع، وعليا وعليا وعليا وعليا في أربعة مواضع(86). 82 - إنما كانت ملاقاة جابر مع أبي جعفر عليه السلام بعد زيارة الأربعين في المدينة قطعاً وقد قيل إنه في زيارة الأربعين مكفوف البصر فكيف يمكن معه قراءة النسخة؟ ويمكن أن نقول: إنما يكون عماه في آخر أيام حياته فاشتبه على بعض من ترجمه فتوهم عماه في الأربعين سنة 61، وهو خلاف ما نصوا عليه من أنه كف بصره آخر عمره. وما في (بشارة المصطفى) في خبر زيارته في الأربعين من قول عطية (قال: فألمسنيه، فألمسته فخر على القبر) لا يدل على العمى، ولعل من شدة الحزن وكثرة البكاء أبيضت عيناه، أو غمرتهما العبرة في ذلك اليوم. ويؤيده ما في هذا الخبر (ثم جال ببصره حول القبر وقال: السلام عليكم ـالخ). (هامش المصدر).
83 - انتحب: تنفس شديداً. والحندس: الشديد الظلمة.
84 - يعني في غيبته، لأن زمانه عليه السلام من حين موت أبيه عليه السلام إلى آخر مدة حكومته، ولأن المؤمنين في أيام ظهوره في كمال العزة.
85 - كمال الدين وتمام النعمة: ص308 ـ311، ط الآخوندي.
86 - المصدر، ص311.