اسمها ونسبها:
هي فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
درة الفواطم بعد جدتها فاطمة الزهراء بنت سيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم، وبضعة رسول الله وريحانته الحسين الشهيد رضي الله عنه ونفحة من طلحة الخير والجود، ووارثة الحسن والعلم والأدب من أمهاتها وجداتها، سليلة النسب الكريم من أكرم أهل بيت النبوة آباءً وأمهاتٍ وأعماماً وأخوالاً وأزواجاً وأبناءً وأحماء.
محدِّثة جليلة، وتابعية ثقة، ومثال للأمهات اللواتي يحتذى بهن في عصرنا الحالي، جمعت بين علو النسب وشرف العلم رضي الله عنها وأرضاها.
بيت كريم ونسب رفيع
قلما تجد امرأة تجمع هذا النسب الشريف.
فأبوها: الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهي بهذا النسب حسينية علوية هاشمية، وأمها: أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وجدّها من جهة أبيها: علي بن أبي طالب رضي الله عنه رابع خلفاء الراشدين المهديين، وفضله وسبقه ومواقفه مشهورة معلومة لو استطردنا وذكرناها ما وفته أوراقنا هذه.
وجدتها من جهة أبيها: فاطمة الزهراء بنت سيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم البضعة النبوية سيدة نساء أهل الجنة كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
وجدها من جهة أمها: طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله عنه الصحابي الجليل، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإٍسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأحد الستة أصحاب الشورى، توفي في واقعة الجمل سنة (36هـ).
اشتهر بالجود والكرم وله في أُحد ما له من مواقف مشهورة في الذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وجدتها من جهة أمها: الجرباء (أم الحارث) بنت قسامة صحابية لها رؤية.
وتمام نسبها: الجرباء بنت قسامة بن قيس بن عبيد بن طريف بن مالك بن جدعان بن ذهل بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن فطرة بن طيء.
فعلى هذا فاطمة بنت الحسين رضي الله عنها أيضاً أخوالها من طيء.
وكانت الجرباء بنت قسامة لا تقف إلى جانبها امرأة من شدة حسنها فلذلك سميت الجرباء؛ تشبيها لها بالناقة الجرباء التي تتوقاها الإبل مخافة أن تعديها.
وهي صحابية جليلة قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أخيها حنظلة بن قسامة وابنة أخيها زينب بنت حنظلة التي تزوجها أسامة بن زيد رضي الله عنهما ثم طلقها وتزوجها نعيم بن عبد الله النحام.
أما أعمامها: فهم إخوة الحسين رضي الله عنه وأبناء علي بن أبي طالب ومن أشهرهم:
الحسن بن علي رضي الله عنه، ريحانة رسول الله وسبطه.
ومحمد بن الحنفية: أمه أم ولد أعطاها أبو بكر الصديق لعلي من سبي بني حنيفة لما ارتدوا، ومحمد هذا من العلم والورع والشجاعة بمكان.
والعباس بن علي بن أبي طالب: وأمه فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية الملقبة بأم البنين.
وعمر الأطرف: وأمه الصهباء أم حبيب بنت ربيعة التغلبية الوائلية، لم يحضر كربلاء، ولا حضرها أحد من ولده، وله فضل وشرف وعلم.
أما عماتها، فهن بنات علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن أشهرهن: زينب عقيلة بني هاشم وأمها فاطمة الزهراء، وأم كلثوم: أمها فاطمة الزهراء، وفاطمة: وأمها أم ولد.
أما أخوالها: فهم إخوة أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله وأشهرهم: محمد (السجاد) العابد البار الزاهد وأمه حمنة بنت جحش رضي الله عنها، وعمران، وموسى، ويعقوب الذي استشهد في الحرة، وإسماعيل وإسحاق وزكريا، ويوسف، وعيسى، ويحيى وصالح، كلهم بنو طلحة بن عبيد الله التيمي وكان يسمي ولده بأسماء الأنبياء.
وأما خالاتها: فهن أخوات أمها وهن: عائشة بنت طلحة، والصعبة ومريم، وأما إخوتها: فهم أبناء الحسين رضي الله عنه وأشرفهم علي (زين العابدين) ومنه النسل والعقب وفيه العدد والبيت، وعلي الأصغر: الذي استشهد في كربلاء، وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفية.
وجعفر: أمه قضاعية، وعمر وأبو بكر: وهما ممن استشهد في كربلاء وأمهما أم ولد، وسكينة (آمنة)، وعبد الله الذي استشهد صغيراً في (كربلاء) وأمهما الرباب بنت امرئ القيس.
فهؤلاء كلهم إخوتها من أبيها الحسين رضي الله عنه، أما إخوتها من أمها: أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي: ومعلوم أن أم إسحاق كانت زوجة للحسن بن علي بقبل أخيه الحسين رضي الله عنهم فهم:
الحسين الملقب (بالأثرم) وطلحة، وفاطمة، وأمهم جميعاً أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي، وأبوهم الحسن بن علي رض الله عنهم جميعاً فهم أخوتها لامها وأبناء عمها أيضاً.
النشأة الكريمة:
في هذا البيت الكريم وبين حنان ورفق الأب الشهيد والأم الوفية، والأعمام والأخوال والعمات والخالات نشأت تلك البضعة الطاهرة النقية السيدة فاطمة بنت الحسين.
فأخذت فاطمة تستقي العلم ممن يكبرها في الجو المحيط بأهل بيت النبي صلوات ربي وسلامه عليهم وهذا من نعومة أظافرها حتى شبت عن الطوق، ولكي نتتبع معاً حياتها سوف نستضيء بروايات التاريخ وما صح من الكتب التي تعرض إيجازاً لا تفصيلاً حياتها الكريمة.
لطائف من أخلاقها
عبادتها:
روى ابن سعد بسنده أن فاطمة بنت حسين كانت تُسبّح بخيوط معقود فيها، وهذا فيه تحرٍ للعبادة والحرص على الذكر والتسبيح، والخبر نفسه ذكره ابن عساكر بسنده.
حكمتها وعدلها وزهدها:
ومن دلائل حكمتها وعدلها ما رواه ابن عساكر بسنده عن عبيد الله بن الحسين بن عبيد الله أن (فاطمة بنت الحسين أعطت ولدها من حسن بن حسن مورثها من حسن بن حسن، وأعطت ولدها من عبد الله بن عمرو ميراثها من عبد الله بن عمرو فوجد ولدها من حسن بن حسن في أنفسهم من ذلك، لأن ما ورثت من عبد الله بن عمرو أكثر فقالت لهم: يا بَنِيّ، أني كرهت أن يرى أحدكم شيئاً من مال أبيه بيد أخيه، فيجد في نفسه، فلذلك فعلت ذلك).
وهذا دليل زهدها عن الدنيا وما فيها أن فرقت ما ورثته على أبنائها في حياتها وفيه أيضاً من حكمتها ورجاحة عقلها ما لا تصل إليه نساء عصرنا.
حياؤها:
كانت فاطمة رضي الله عنها شديدة الحياء فقد روى ابن عساكر بسنده عن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال في تسمية ولد الحسين بن علي (وفاطمة بنت الحسين دخلت مع قواعد قومها على هشام بن عبد الملك قدمته المدينة فقال للابرش الكلبي: كان عندي البارحة قواعد قومي فما كان فيهن أخفر ولا أحيا من فاطمة بنت الحسين).
مولدها ووفاتها:
لم تحدد كتب التاريخ والسير زمن مولدها، والراجح أن مولدها كان بين سنتي 51 إلى 53هـ، وذلك بعد استقراء للعديد من الكتب والمراجع ومنشأ هذا الترجيح موجز فيما يلي:
1- كانت وفاة الحسن بن علي رضي الله عنهما سنة 49هـ والمؤكد امتثال الحسين رضي الله عنه لوصية أخيه الحسن (بالزواج من أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله) فبعد وفاة الحسن وانقضاء عدة الزوجة كان زواج الحسين سنة 50هـ أو 51هـ على أقصى تقدير.
2- المراجع والمصادر المختلفة في تاريخ وفاة السيدة فاطمة تنقسم إلى أقسام ثلاثة: قسم يرى أن وفاتها كانت سنة 110هـ عن سبعين سنة.
وقسم يرى أن وفاتها كانت 117هـ عن ما يزيد عن سبعين سنة.
وقسم آخر لم يرجح شيئاً من سنة الوفاة، وإنما ذكر سنوات متعددة بصيغة تعليل (مسبوقة بـ قيل) كقول ابن عساكر في (تاريخ دمشق).