أهل البيت ينهون عن رفع القبور والبناء عليها
كان أعلام أهل البيت -رضوان الله تعالى عليهم- ينهون أشدّ النّهي عن رفع القبور عامّة، وعن رفع قبورهم خاصّة، على عكس ما يقرّره علماء الشّيعة من أنّ النّهي عن رفع القبور والبناء عليها متعلّق بما سوى قبور الأنبياء والأئمّة:
النبيّ المصطفى -صلّى الله عليه وآله- ينهى عن البناء على القبور واتّخاذها مساجد:
· في (من لا يحضره الفقيه) أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وآله- قال: (لا تتّخذوا قبري قبلة ولا مسجداً، فإنّ الله عزّ وجلّ لعن الذين اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد). (من لا يحضره الفقيه: 01/178).
· وفي (وسائل الشّيعة) عن يونس ببن ظبيان عن أبي عبدالله -عليه السّلام- قال: "نهى رسول الله -صلّى الله عليه وآله- أن يصلّى على قبر، أو يقعد عليه، أو يبنى عليه". (وسائل الشّيعة: 03/210).
· في (كنز الفوائد) للكراجكي عن أسد بن إبراهيم السّلمي والحسين بن محمد الصيرفي معا، عن أبي بكر المفيد الجرجراني، عن ابن أبي الدنيا المعمر المغربي، عن أمير المؤمنين -عليه السّلام- قال: " سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وآله- يقول: (لا تتّخذوا قبري عيدا، ولا تتّخذوا قبوركم مساجدكم، ولا بيوتكم قبورا ) ".(مستدرك الوسائل: 02/287).
· وفي (فقه الرّضا) للصّدوق: " فلمّا أن فرغ من غسله وكفنه أتاه العباس فقال: يا علي إنّ الناس قد اجتمعوا على أن يدفنوا النبي -صلّى الله عليه وآله- في بقيع المصلّى وأن يؤمّهم رجل منهم، فخرج علي -عليه السّلام- إلى النّاس فقال: يا أيّها الناس أ ما تعلمون أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وآله- إمامنا حيا وميّتا وهل تعلمون أنّه -صلّى الله عليه وآله- لعن من جعل القبور مصلّى، ولعن من يجعل مع الله إلها، ولعن من كسر رباعيته وشقّ لثته". (فقه الرضا: ص188-189).
تأمّل أخي كيف أنّ النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- ينهى عن اتّخاذ قبره عيدا: أي مكانا يُجتمع عنده كما يُجتمع للأعياد، فكيف بقبور غيره؟، وتأمّل أيضا أنّه ينهى عن اتّخاذ القبور مساجد، ويدخل فيها بناء المساجد عليها، بل ويلعن من جعل القبور مصلّى.
علي المرتضى -رضي الله عنه- يهدم القباب المبنيّة على القبور، ويحذّر أشدّ التّحذير من البناء عليها:
· في (وسائل الشّيعة) عن أبي عبدالله -عليه السّلام- قال: قال أمير المؤمنين -عليه السّلام-: "بعثني رسول الله -صلّى الله عليه وآله- في هدم القبور وكسر الصّور". (وسائل الشّيعة: 03/211).
· وفي (وسائل الشّيعة) أيضا عن أبي عبد الله -عليه السّلام- قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): "بعثني رسول الله -صلّى الله عليه وآله- إلى المدينة فقال: (لا تدع صورة إلا محوتها، ولا قبرا إلا سوّيته، ولا كلبا إلا قتلته)". (وسائل الشيعة: 03/209).
· وفي (من لا يحضره الفقيه) عن أمير المؤمنين -عليه السّلام- قال: " من جدّد قبراً، أو مثّل مثالاً فقد خرج من الإسلام ". (من لا يحضره الفقيه: 01/189).
تأمّل أخي كيف أنّ أمير المؤمنين -رضي الله عنه- يهدم القبور المشرفة ويسوّيها، بأمر من النبيّ –صلّى الله عليه وآله-، بل ويقرن بين من يجدّد قبرا وبين من يمثّل تمثالا.
الإمام الصّادق -عليه رحمة الله- يحرّم البناء على القبور:
· في (من لا يحضره الفقيه) عن الصّادق -عليه السّلام- أنّه سأله سماعة بن مهران عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها، فقال: " أمّا زيارة القبور فلا بأس بها، ولا يُنبى عندها مساجد ". (من لا يحضره الفقيه: 01/178).
الإمام موسى الكاظم -رحمه الله- ينهى عن البناء على القبور:
· في (وسائل الشّيعة) عن علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسى -عليه السّلام- عن البناء على القبر والجلوس عليه هل يصلح؟ فقال: "لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولاتطيينه". (وسائل الشّيعة: 03/210).
***
الردّ على شبهة أنّ النّهي خاصّ بغير قبور الأئمّة:
النبيّ -صلّى الله عليه وآله- يوصي برفع قبره أربع أصابع:
· في (الكافي) عن أبي جعفر -عليه السّلام- أنّه قال: قال النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- لِعلي -عليه السّلام-: (يا علي، ادفنّي في هذا المكان، وارفع قبري من الأرض أربع أصابع، ورشّ عليه من الماء). (الكافي: 01/450).
الإمام الباقر -عليه رحمة الله- يوصي برفع قبره أربع أصابع:
· في (وسائل الشّيعة) عن أبي عبد الله -عليه السّلام- أنه قال: "إنّ أبي قال لي ذات يوم في مرضه: إذا أنا متُ فغسّلني وكفني، وارفع قبري أربع أصابع ورشّه بالماء". (وسائل الشّيعة: 03/193).
الإمام الكاظم -عليه رحمة الله- ينهى عن رفع قبره أكثر من أربع أصابع:
· في (وسائل الشّيعة) عن أبي الحسن موسى بن جعفر -عليه السّلام- قال: "إذا حُملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها، ولا ترفعوا قبري أكثر من أربع أصابع مفرجات". (وسائل الشيعة: 03/195).
فهل يستقيم بعد كلّ هذا أن يقول علماء الشّيعة أنّ النّهي عن البناء على القبور يخصّ قبور غير الأنبياء والأئمّة؟، وهل يصحّ قولُ المظفّر في (عقائد الإمامية: عنوان: عقيدتنا في زيارة القبور): "وممّا امتازت به الإمامية العناية بزيارة القبور - قبور النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام- وتشييدها، وإقامة العمارات الضخمة عليها، ولأجلها يضحُّون بكلّ غال ورخيص، عن إيمان وطيب نفس. ومردّ كلّ ذلك إلى وصايا الأئمّة، وحثِّهم شيعتهم على الزيارة، وترغيبهم فيما لها من الثواب الجزيل عند الله تعالى؛ باعتبار أنّها من أفضل الطاعات والقربات بعد العبادات الواجبة، وباعتبار أنّ هاتيك القبور من خير المواقع لاستجابة الدعاء والانقطاع إلى الله تعالى" ؟!.